الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.الخبر عن بني يعلى ملوك تلمسان من آل خزر من أهل الطبقة الاولى والالمام ببعض دولهم ومصائرها: قد ذكرنا في أخبار محمد بن خزر وبنيه أن محمد بن الخير الذي قتل نفسه في معركة بلكين كان من ولده الخير ويعلى وأنهما اللذان ثأرا منه بأبيهما زيري فقتلوه واتبعهم بلكين من بعد ذلك وأجلاهم إلى المغرب الأقصى حتى قتل منهم محمد صبرا أعوام ستين وثلثمائة بنواحي سجلماسة قبل وصول معد إلى القاهرة وولاية بلكين على أفريقية وقام بأمر زناتة بعد الخير ابنه محمد وعمه يعلى بن محمد وتكررت إجازة محمد بن الخير هذا وعمه يعلى إلى المنصور بن أبي عامر كما ذكرنا ذلك من قبل وغلبهم ابنا عطية بن عبد الله بن خزر وهما مقاتل وزيري على رياسة مغراوة وهلك مقاتل واختص المنصور زيري بن عطية باثرته وولاه على المغرب كما ذكرناه وقارن ذلك مهلك بلكين وانتقاض أبي البهار بن زيري صاحب المغرب الأوسط على باديس فكان من شأنه مع زيري ويدوي بن يعلى ما قدمناه ثم استقل زيري وغلبهم جميعا على المغرب ثم انتقض على المنصور فأجاز إليه ابنه المظفر وأخرج زناتة من المغرب الأوسط فتوغل زيري في المغرب الأوسط ونازل أمصاره وانتهى إلى المسيلة وأشير وكان سعيد بن خزرون قد نزع إلى زناتة وملك طبنة واجتع زناتة بأفريقية عليه وعلى ابنه فلفول من بعده وانتقض فلفول على باديس عند زحف زيري إلى المسيلة وأشير وشغل باديس ثم ابنه المنصور على المغرب الأوسط بحروب فلفول وقومه ودفعوا إليه حماد بن بلكين فكانت بينه وبين زناتة حروب سجال وهلك زيري بن عطية واستقل المعز وابنه بملك المغرب سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة وغلب صنهاجة على تلمسان وما إليها واختط مدينة وجدة كما ذكرنا ذلك كله من قبل ونزل يعلى بن محمد مدينة تلمسان فكانت خالصة له وبقي ملكها وسائر ضواحيها في عقبه ثم هلك حماد بعد استبداده ببلاد صنهاجة على آل بلكين وشغل بنوه بحرب بنى باديس فاستوسق ملك بني يعلى خلال ذلك بتلمسان واختلفت أيامهم مع آل حماد سلما وحربا ولما دخل العرب الهلاليون أفريقية وغلبوا المعز وقومه عليها واقتسموا سائر أعمالها ثم تخطوا إلى أعمال بي حماد فأحجروهم بالقلعة وغلبوهم على الضواحي فرجعوا إلى استئلافهم واستخلصوا الأثبج منهم وزغبة فاستظهروا بهم على زناتة المغرب الأوسط وأنزلوهم بالزاب وأقطعوهم الكثير من أعماله فكانت بينهم وبين بني يعلى أمراء تلمسان حروب ووقائع وكان زغب أقرب إليهم بالمواطن وكان أمير تلمسان لعهدهم بختى من ولد يعلى وكان وزيره وقائد حروبه أبو سعيد ابن خليفة بن اليفرني فكان كثيرا ما يخرج بالعساكر من تلمسان لقتال عرب الأثبج وزغبة ويحتشد من إليها من زناتة من أهل المغرب الأوسط مثل مغراوة وبني يفرن وبني يلومو وبني عبد الواد وتوجين وبني مرين وهلك في بعض تلك الملاحم هذا الوزير أبو سعيد أعوام خمسين وأربعمائة.ثم ملك المرابطون أعمال المغرب الأقصى بعد مهلك يحيى وولاية ابنه العباس بن يحيى بتلمسان وسرح يوسف بن تاشفين قائده مزدلي بن في عساكر لمتونة لحرب من بقي بتلمسان من مغراوة ومن لحق بهم من فل بني زيري وقومهم فدوخ المغرب الأوسط وظفر بمعلى بن العباس بن بختي وبرز لمدافعتهم فهزمه وقتله وانكف راجعا إلى المغرب ثم نهض يوسف بن تاشفين بنفسه في جموع المرابطين سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة فافتتح تلمسان واستلحم بي يعلى ومن كان بها من مغراوة وقتل العباس بن بختى أميرها من بني يعلى ثم افتتح وهران وتنس وملك جبل وانشريس وشلف إلى الجزائر وانكف ر راجعا وقد محى أثر مغراوة من المغرب الأوسط وأنزل محمد بن تينعمر المسوفي في عسكر من المرابطين بتلمسان واختط مدينة تاكرارت بمكان معكسره وهو اسم المحلة بلسان البربر وهي التي صارت اليوم مع تلمسان القديمة التي تسمى أكادير بلدا واحدا وانقرض أمر مغراوة من جميع المغرب كأن لم يكن والبقاء لله وحده سبحانه..الخبر عن أمراء اغمات من مغراوة: لم أقف على أسماء هؤلاء إلا أنهم أمراء بأغمات آخر دولة بي زيري بفاس وبني يعلى اليفرني بسلا وتادلا في جوار المصامدة وبرغواطة وكان لقوط بن يوسف بن علي آخرهم في سني الخمسين وأربعمائة وكانت امرأته زينب بنت إسحاق النفزاوية من إحدى نساه العالم المشهورات بالجمال والرياسة ولما غلب المرابطون على أغمات سنة تسع وأربعين وأربعمائة فر لقوط هذا إلى تادلا سنة إحدى وخمسين وأربعمائة وقتل الأمير محمد واستلحم بني يفرن فكمان فيمن استلحم وخلفه أبو بكر بن عمر أمير المرابطين كل زبنب بنت إسحاق حتى إذا ارتحل إلى الصحراء سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة واستعمل ابن عمه يوسف بن تاشفين على المغرب نزل له عن زوجه زينب هذه فكان لها رياسة أمره وسلطانه وما أشارت إليه عند مرجع أبي بكر من الصحراء في إظهار الاستبداد حتى تجافى عن منازعته وخلص ليوسف بن تاشفين ملكه كما ذكرناه في أخبارهم ولم نقف من لقوط بن يوسف وتومه على غير هذا الذي كتبناه والله ولي العون سبحانه.
|